05‏/08‏/2012

أهل السطوح تنطونا لو نروح

القرقيعان عادة رمضانية موروثة, ولعبة موسمية ينتظرها الأطفال في منتصف هذا الشهر الكريم, وهي من التقاليد والعادات الشعبية السائدة منذ قرون في عموم الشرق الأوسط.
ينطلق الأطفال في رمضان بعد صلاة العشاء عند اكتمال البدر, مبتهجين فرحين بهذه المناسبة الرمضانية, وهم يرتدون ثيابهم الجديدة, ويحملون بأيديهم قناديلهم المتلألئة بأنوار البهجة والفرح, يتأبطون أكياسا ملونة, أعدت خصيصا لهذه الليلة المباركة, ليجمعوا فيها الحلوى والمكسرات, يطوفون بين أزقة المدينة وبيوتها, يتجمعون عند كل باب لينشدوا بأصواتهم الشجية, ويرددواأعذب الألحان والترنيمات, التي تفيض بالطهر والبراءة, يصدحوا بالأهازيج التي تتسم بالدعاء لصاحب الدار وأسرته. وما أن تسمع ربة المنزل هذا النداء الطفولي حتى تخرج إليهم مسرعة, حاملة معها كمية من النقود أو الحلوى, فترحب بهم, وتطلب منهم الإكثار من الدعاء لابنها أو ابنتها, وربما تمرح معهم قليلا, وقد تندمج معهم في ترديد أهازيجهم الموسيقية الملحنة, ثم توزع عليهم الهدايا من دون أن تفارقها الابتسامة, فتبعث النشاط والسرور في قلوبهم, وتشجعهم على مواصلة الاحتفال واللعب المعبر عن براءة الطفولة وصفائها.
يقولون أن القرقيعان كلمة مقتبسة من قرع الأبواب. أو من قرقعة المكسرات في أكياس الصبيان, بيد أن معظم المصادر التاريخية تؤكد على أن مبدأ القرقيعان يرجع إلى ولادة سبط سيد الكائنات (صلى الله عليه وسلم), ففي منتصف رمضان المبارك من السنة الثانية للهجرة كان المصطفى ينتظر أول وليد لبيت النبوة والرسالة,  وما أن بُشِّر بولادة (الحسن) حتى أسرع إلى بيت فاطمة فرحا مسرورا, وقامت أم الحسن في هذه الليلة بتوزيع الحلوى على الناس, وهكذا بقيت هذه العادة جارية في المسلمين حتى يومنا هذا, واصل كلمة قرقيعان هي: قرة عين, لكنها أصبحت قرقيعان بمرور الزمن .
بيد أن اللجنة الدائمة للإفتاء في إحدى البلدان الإسلامية أفتت بان: القرقيعان بدعة لا أصل لها في الإسلام, وكل بدعة ضلالة, ومن المؤسف له أن بعضا من الفقهاء إذا لم يعجبهم أمر سارعوا بالحكم عليه بالبدعة, حتى لو كان من العادات المباحة, في حين يرى معظم الفقهاء أن الاحتفال بالقرقيعان جائز, ولا شيء فيه لأنه من العادات, ولا دخل له في العبادات, وقد يؤجر عليه المسلم إذا نوى إدخال الفرح والسرور إلى قلوب الأطفال, لكنهم حذروا من الإسراف والمبالغة في البذخ, الذي نراه هذه الأيام في احتفالات القرقيعان لبعض الدول العربية. وللأطفال في هذا اليوم أهازيج شعبية لا نعرف مؤلفها وملحنها, لكنها من رواسب الماضي الجميل, وهي أشعار باللهجات الشعبية, تختلف في ألحانها ومفرداتها من مدينة إلى أخرى, ففي البصرة يردد الأطفال:







قرقيعان وقرقيعان
عادت عليكم صيام
كل سنة وكل عام
عطونا الله يعطيكم
بيت مكة نوديكم
وفي بغداد يردد الأطفال:ماجينا يا ماجينا
حلي الكيس وانطينه
تنطونا لو ننطيكم
بيت مكة انوديكم
هاي مكة المعمورة
مبنية بجص ونورة
يا أهل السطوح
تنطونا لو نروح
وهي من ألحان الفنان العراقي المبدع علاء كامل, واسمه الحقيقي (علي عبد الرزاق حسن الهاشمي) المتوفى ببغداد عام 1971
وكان أطفال بعض المدن العراقية يرددون في رمضان 2005 هذه الأهزوجة:

ماجينا يا ماجينا
الأمريكي إشجابه علينه
هم شفتي الشعب مرتاح
لو شفتي دامت أفراح
شو بس نار وتكوينه
ماجينا يا ماجينا

وربما كانت الماجينا باعثا لتفجر قريحة الشعراء الشعبيين في العراق, وحافزا رمضانيا فتح بوابات الماجينا, وشجعهم على نسج المزيد من المقاطع الغنائية على إيقاعات الماجينا والجورجينا, ويسرنا أن نهديكم هذه المقاطع المنوّعة المختارة من بعض القصائد الرمضانية الساخرة:

ماجينا يا ماجينا
فرجة للناس صفينه
والسبب كومة أحزاب
تتقاتل خلف الأبواب
باعونا برخص التراب
والدستور مضيعينه
ماجينا يا ماجينا
كعدي كبالي وحاكينا
كافي تكذبين علينا
لا اكو كيس وافتحتيه
ولا حال وغيرتيه
وين الرز والعدسات
وين الشاي والشكرات
وين طحيني والدهنات
واكليجة ما سوينه
ماجينا يا ماجينا
ليش العالم ناسينا
ليش أحنا أنفكر بالناس
شو محد فكر بينا
يا رب انته راعي البيت
احفظنة واحفظ هالبيت
دقينا الباب برمضان
ردنه ضماد من الجيران
يا أهل السطوح
جيرانكم مجروح
وابن الجيران الحباب
إجه يركض فتح الباب
بس فجّر نفسه علينا
ماجينا يا ماجينا

للكاتب كاظم فنجان الحمامي .....

20‏/03‏/2012

أنها بغداد !!!


بغداد كعبة العلماء أسم كان للكون كله منارة كان للعلم شمس وعنوان، بغداد التي لم تخلو قصيدة من أسمها... ولم يبرز عالم إلا ونهل من نهر علمها وبحر خيرها، كان أسمها عنوان العراق...
أين ما ذكرت أسمها وقف الجميع إحتراما لها، إحتراما لمكانتها، إحتراما لعلمها، إحتراما لمن تخرج من مدارسها وجامعاتها، إحتراما لقبابها ومنائرها،

إحتراما لتاريخها وقادتها، إحتراما لعمارتها الفريدة.


في بغداد لم أسمع كلمة محجبة بل سمعت البوشية والعباية وعشت عصر الميني جوب وشرطة الآداب والخنافس، في بغداد كان بائع الحليب العادي والمعقم يطرق بابنا صباح كل يوم،

بغداد كانت جنة، في بغداد كان الخضار والجمال مميزا، كان الحب والغزل والإنفتاح، كان العلم والدين والخمر والليالي الملاح كلها تسير في خطوط متوازية ولا تتقاطع أبدا.


في بغداد كان اليهودي أخو المسلم وكان الكردي أخو العربي وأخو التركماني في بغداد كان اليزيدي يمارس طقوسه وكان الصابئي يتوضأ في دجلة
في بغداد عرضت أرقى المسرحيات وعلى شاشات سينماتها عرضت أروع الأفلام، زارها كبار العظماء والملوك والسلاطين والرؤساء، وعلى أرض بغداد أنشد عمالقة الغناء أروع القصائد وأجمل الألحان، على بغداد مرت أشد الأزمات وأمر وأشرس الغزوات، غزتها أعاصير الشر وفلول الحقد والإجرام.
في بغداد صار لون دجلة
أزرق في يوم من الأيام عندما أنتقم الغزاة من مكتبة بغداد قبل أن يقتلوا أهل بغداد لأن العلم والكتاب كان هو رمز بغداد وقلب بغداد وروح بغداد، في بغداد للمتنبي شارع أنجب العظماء وعلم كبار العلماء، كانت
القاهرة تؤلف وبيروت تطبع وبغداد وأهل بغداد تقرأ.
في بغداد كان كل شيء محلل الا الدم فهو حرمة الحرمات، في بغداد ولدت وأول ما سمعت كانت حروف الحب أبو نؤاس، الرشيد، المنصور، المتنبي، فيصل، الباشا، ، الأنكليز، كلية بغداد، طب بغداد، جامعة بغداد، مطار بغداد، جواد سليم، سليمة (باشا) مراد، ناظم الغزالي،

يوسف عمر، القبنجي، الجواهري، الرصافي
كهوة الزهاوي، فندق السندباد. سميراميس. الرشيد. تايكرس بالاس، لندن، بيروت، الشام، عيد الجيش، عاشور تمن وقيمة، الكريسماس، عيد راس السنة، المعهد البريطاني، المركز الثقافي الفرنسي، الخطوط الجوية العراقية، البصرة، جزيرة السندباد، شقلاوة، صلاح الدين،
في مدرستي وفي صفي كان صديقي يهودي أسمه صباح حسقيل واللآخر أسمه نمير ناجي، وكان يجلس جنبي على نفس الرحلة (المقعد) فكري أبن زرياب العراق جميل بشير، مديرة المدرسة كانت لبنانية الأصل لها هيبة وسطوة لايجاريها فيها أكبر عتاة العصر. في المدرسة تعلمنا الأنكليزية قبل العربية، تعلمنا الحب قبل الكراهية، تعلمنا أن هناك أديان وليس دين واحد، تعلمنا الموسيقى والرياضة ولم نسمع
أبدا أن هناك مذاهب تكره بعضها، كان معنا الأرمن، التلكيف،

الآشورين وكان ملاصقا لجدار مدرستنا مدرسة للراهبات خاصة بالبنات وبيت شيخ يزيدي لاأذكر أسمه شاهدت عنده مره طاوس من معدن الصفر (النحاس المطروق)
في بغداد كان جارنا من اليمين كردي ومن اليسار مسيحي ومن بعد داره كان هناك ثلاث دور واحد لأرمني وأثنان للكلدان ومن خلف دارنا كان دار أبو عمر التركماني كنت أرى فسيفساء العراق كله يحيط بي من كل جانب ولم أكن أشعر بالفرق بين هذا وذاك. في بغداد نشأت ولم أتعلم غير الحب والوئام والثقافة دينا، ترعرت ولم يدوي في أذني مع نبضات قلبي سوى أسم بغدادكانت بغداد هي الشهيق وهي الزفير،
كانت بغداد هي المن والسلوى،



لبنان وبيروت دمرت كلها وعمرت
وبغداد تدمر يوما بعد يوم و لاتعمر ؟؟؟
هل هو النصيب أم أنه القدر الأشر ؟؟؟
بغداد والفقهاء سابقا...
التي تكالب عليها العلماء أنقضت عليها كل غربان الشر
وأساتذة الذبح وفقهاء الفرقة والجهل والتخلف،

 أين وصلت بغداد وأين أوصلتم بغداد يا أهل بغداد
وسادة بغداد؟؟؟

منقول( حسين العامري )
مـــا لـلـعـروبـة تـبـــدو مـثـــل أرمـلــةٍ
ألـيـس فـــي كـتـب الـتـاريـخ أفـــراح ؟

والـشعـر مـاذا سيـبـقى مـن أصـالـتـه؟
إذا تـــولاه .... نــصـــابُ .... ومـــــداح

وكـيـف نـكـتـب؟ والأقـفـال فــي فـمـنـا
وكـــل ثـانـيـــةٍ .... يــأتـيـــكـ ســـفـاح