القرقيعان عادة رمضانية موروثة, ولعبة موسمية ينتظرها الأطفال في منتصف هذا الشهر الكريم, وهي من التقاليد والعادات الشعبية السائدة منذ قرون في عموم الشرق الأوسط.
ينطلق الأطفال في رمضان بعد صلاة العشاء عند اكتمال البدر, مبتهجين فرحين بهذه المناسبة الرمضانية, وهم يرتدون ثيابهم الجديدة, ويحملون بأيديهم قناديلهم المتلألئة بأنوار البهجة والفرح, يتأبطون أكياسا ملونة, أعدت خصيصا لهذه الليلة المباركة, ليجمعوا فيها الحلوى والمكسرات, يطوفون بين أزقة المدينة وبيوتها, يتجمعون عند كل باب لينشدوا بأصواتهم الشجية, ويرددواأعذب الألحان والترنيمات, التي تفيض بالطهر والبراءة, يصدحوا بالأهازيج التي تتسم بالدعاء لصاحب الدار وأسرته. وما أن تسمع ربة المنزل هذا النداء الطفولي حتى تخرج إليهم مسرعة, حاملة معها كمية من النقود أو الحلوى, فترحب بهم, وتطلب منهم الإكثار من الدعاء لابنها أو ابنتها, وربما تمرح معهم قليلا, وقد تندمج معهم في ترديد أهازيجهم الموسيقية الملحنة, ثم توزع عليهم الهدايا من دون أن تفارقها الابتسامة, فتبعث النشاط والسرور في قلوبهم, وتشجعهم على مواصلة الاحتفال واللعب المعبر عن براءة الطفولة وصفائها.
يقولون أن القرقيعان كلمة مقتبسة من قرع الأبواب. أو من قرقعة المكسرات في أكياس الصبيان, بيد أن معظم المصادر التاريخية تؤكد على أن مبدأ القرقيعان يرجع إلى ولادة سبط سيد الكائنات (صلى الله عليه وسلم), ففي منتصف رمضان المبارك من السنة الثانية للهجرة كان المصطفى ينتظر أول وليد لبيت النبوة والرسالة, وما أن بُشِّر بولادة (الحسن) حتى أسرع إلى بيت فاطمة فرحا مسرورا, وقامت أم الحسن في هذه الليلة بتوزيع الحلوى على الناس, وهكذا بقيت هذه العادة جارية في المسلمين حتى يومنا هذا, واصل كلمة قرقيعان هي: قرة عين, لكنها أصبحت قرقيعان بمرور الزمن .
بيد أن اللجنة الدائمة للإفتاء في إحدى البلدان الإسلامية أفتت بان: القرقيعان بدعة لا أصل لها في الإسلام, وكل بدعة ضلالة, ومن المؤسف له أن بعضا من الفقهاء إذا لم يعجبهم أمر سارعوا بالحكم عليه بالبدعة, حتى لو كان من العادات المباحة, في حين يرى معظم الفقهاء أن الاحتفال بالقرقيعان جائز, ولا شيء فيه لأنه من العادات, ولا دخل له في العبادات, وقد يؤجر عليه المسلم إذا نوى إدخال الفرح والسرور إلى قلوب الأطفال, لكنهم حذروا من الإسراف والمبالغة في البذخ, الذي نراه هذه الأيام في احتفالات القرقيعان لبعض الدول العربية. وللأطفال في هذا اليوم أهازيج شعبية لا نعرف مؤلفها وملحنها, لكنها من رواسب الماضي الجميل, وهي أشعار باللهجات الشعبية, تختلف في ألحانها ومفرداتها من مدينة إلى أخرى, ففي البصرة يردد الأطفال:
قرقيعان وقرقيعان
عادت عليكم صيام
كل سنة وكل عام
عطونا الله يعطيكم
بيت مكة نوديكم
وفي بغداد يردد الأطفال:ماجينا يا ماجينا
حلي الكيس وانطينه
تنطونا لو ننطيكم
بيت مكة انوديكم
هاي مكة المعمورة
مبنية بجص ونورة
يا أهل السطوح
تنطونا لو نروح
وهي من ألحان الفنان العراقي المبدع علاء كامل, واسمه الحقيقي (علي عبد الرزاق حسن الهاشمي) المتوفى ببغداد عام 1971
وكان أطفال بعض المدن العراقية يرددون في رمضان 2005 هذه الأهزوجة:
ماجينا يا ماجينا
الأمريكي إشجابه علينه
هم شفتي الشعب مرتاح
لو شفتي دامت أفراح
شو بس نار وتكوينه
ماجينا يا ماجينا
وربما كانت الماجينا باعثا لتفجر قريحة الشعراء الشعبيين في العراق, وحافزا رمضانيا فتح بوابات الماجينا, وشجعهم على نسج المزيد من المقاطع الغنائية على إيقاعات الماجينا والجورجينا, ويسرنا أن نهديكم هذه المقاطع المنوّعة المختارة من بعض القصائد الرمضانية الساخرة:
ماجينا يا ماجينا
فرجة للناس صفينه
والسبب كومة أحزاب
تتقاتل خلف الأبواب
باعونا برخص التراب
والدستور مضيعينه
ماجينا يا ماجينا
كعدي كبالي وحاكينا
كافي تكذبين علينا
لا اكو كيس وافتحتيه
ولا حال وغيرتيه
وين الرز والعدسات
وين الشاي والشكرات
وين طحيني والدهنات
واكليجة ما سوينه
ماجينا يا ماجينا
ليش العالم ناسينا
ليش أحنا أنفكر بالناس
شو محد فكر بينا
يا رب انته راعي البيت
احفظنة واحفظ هالبيت
دقينا الباب برمضان
ردنه ضماد من الجيران
يا أهل السطوح
جيرانكم مجروح
وابن الجيران الحباب
إجه يركض فتح الباب
بس فجّر نفسه علينا
ماجينا يا ماجينا
فرجة للناس صفينه
والسبب كومة أحزاب
تتقاتل خلف الأبواب
باعونا برخص التراب
والدستور مضيعينه
ماجينا يا ماجينا
كعدي كبالي وحاكينا
كافي تكذبين علينا
لا اكو كيس وافتحتيه
ولا حال وغيرتيه
وين الرز والعدسات
وين الشاي والشكرات
وين طحيني والدهنات
واكليجة ما سوينه
ماجينا يا ماجينا
ليش العالم ناسينا
ليش أحنا أنفكر بالناس
شو محد فكر بينا
يا رب انته راعي البيت
احفظنة واحفظ هالبيت
دقينا الباب برمضان
ردنه ضماد من الجيران
يا أهل السطوح
جيرانكم مجروح
وابن الجيران الحباب
إجه يركض فتح الباب
بس فجّر نفسه علينا
ماجينا يا ماجينا
للكاتب كاظم فنجان الحمامي .....